{وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} متقاربات يقرب بعضها من بعض، وهي مختلفة: هذه طيبة تنبت، وهذه سبخة لا تنبت، وهذه قليلة الريع، وهذه كثيرة الريع، {وَجَنَّاتٌ} بساتين، {مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ} رفعها كلها ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، ويعقوب، عطفا على الجنات، وجرَّها الآخرون نسقاً على الأعناب. والصنوان: جمع صنو، وهو النخلات يجمعهن أصل واحد.{وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} هي النخلة المنفردة بأصلها. وقال أهل التفسير صنوان: مجتمع، وغير صنوان: متفرق. نظيره من الكلام: قنوان جمع قنو. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في العباس: «عمّ الرجل صنو أبيه». ولا فرق في الصنوان والقنوان بين التثنية والجمع إلا في الإعراب، وذلك أن النون في التثنية مكسورة غير منونة، وفي الجمع منونة.{يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب {يُسقى} بالياء أي يسقى ذلك كله بماء واحد، وقرأ الآخرون بالتاء لقوله تعالى: {وَجَنَّاتٌ} ولقوله تعالى من بعد {بعضها على بعض}، ولم يقل بعضه. والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نامٍٍ.{وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ} في الثمر والطعم. قرأ حمزة والكسائي {ويفضل} بالياء، لقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ} [الرعد- 2].وقرأ الآخرون بالنون على معنى: ونحن نفضل بعضها على بعض في الأكل، وجاء في الحديث في قوله: {ونفضل بعضها على بعض في الأكل}، قال: الفارسي، والدَّقَلُ، والحلو، والحامض.قال مجاهد: كمثل بني آدم، صالحهم وخبيثهم، وأبوهم واحد.قال الحسن: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم، ويقول: كانت الأرض طينة واحدة في يد الرحمن عز وجل، فسطحها، فصارت قطعاً متجاورةً، فينزل عليها المطر من السماء، فتخرج هذه زهرتها، وشجرها وثمرها ونباتها، وتخرج هذه سَبَخَها وملحها وخبيثها وكل يُسقَى بماء واحد، كذلك الناس خلقوا من آدم عليه السلام فينزل من السماء تذكرة فترق قلوب فتخشع، وتقسو قلوب فتلهو.قال الحسن: والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان، قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [الإسراء- 82].{إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي ذكرت {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.